المستشار المهمل

Le Conseiller Négligent  

      زار مفتش من مجلس المحاسبة مقر الولاية للتحقيق في جرائم الرشوة والاختلاس والفساد بطلب من والي المدينة. وفي هذا المشهد الثاني من الفصل الرابع نرى المفتش وهو يحقق مع مستشار الوالي:

 [يدخل المستشار يرتدي بدلة صيفية رمادية.]

المستشار: صباح الخير يا سيدي.

المفتش: صباح الخير. اجلس.

[يجلس المستشار في المقعد المقابل للمفتش ووجههما إلى الجمهور.]

المفتش[يفتح كراسته ويسجل]: ما وظيفتك؟

المستشار: مستشار.

المفتش: عينك الوالي مستشارا لتكون عينه التي يرى بها ما يجري في المدينة، وأذنه التي يسمع بها شكاوى الناس وأنات المظلومين، فهل كنت فعلا العين التي يرى بها والأذن التي يسمع بها؟

المستشار[يتردد ثم يجيب]: لا يا سيدي مع الأسف.

المفتش: كنت تزين له الأمور دائما رغم قبحها، وتحول شكاوى الناس وأنات المظلومين إلى مديح وإطراء.

المستشار: كنت يا سيدي أظن أن الأمور تسير على ما يرام.

المفتش: غريب أمرك، الوالي يمتدحك في تقريره ويقول إنكما كنتما في مقعد واحد في مدرسة الإدارة العليا، وكانت آراؤكما واحدة، وكنت متحمسا لخدمة البلاد.

المستشار: هذا صحيح يا سيدي.

المفتش: ماذا حدث إذا؟ هل أصابتك الغيرة والحسد لأن صديقك أصبح واليا وأنت ظللت مستشارا، واقتنعت بأنك مظلوم فاستهترت بالوظيفة.

المستشار: ليس هذا هو السبب. لست غيورا ولا حسودا والحمد لله. سأقول لك الحقيقة.

المفتش[يشير بيده]: تفضل. 

المستشار: منذ سنوات عملت مع أحد الولاة.

المفتش[مقاطعا]: في هذه المدينة.

المستشار: لا، في مدينة أخرى. كنت أصارحه بما يجري في المدينة، وما يجري حوله ولا أخفي عنه شيئا. اتهمني بأنني أسَوِّدُ في وجهه كل شيء، وأذكر له المساوئ فقط. همشني ثم أبعدني وكتب فيّ تقريرا سيئا وقرب المنافقين والمتملقين ومن يزينون له أعماله مهما كانت سيئة. ظللت سنوات في الظل مغضوبا عليّ.

المفتش: وحين سنحت لك الفرصة لتكون مستشارا للوالي بدلت الخطة.

المستشار: نعم، قلت في نفسي: "الولاة يحبون من يمتدحهم، ويزين لهم أعمالهم"، وهذا ما فعلته.

المفتش: ألم تعرف هذا الوالي على مقعد الدراسة وتعرف قيمه وأخلاقه؟

المستشار: الناس يتغيرون يا سيدي. عرفت أناسا كثيرين كانوا مثال الأمانة والشرف وحين تسلموا المسؤولية خانوا الأمانة. الكرسي يغري يا سيدي.

المفتش: وظننت أن صديقك تغير فأصبح مثلهم.

المستشار: نعم، لكنني كنت مخطئا. كنت أراه يعتمد على رئيس الديوان فظننت بأنه يعرف ما يفعله. كان علي أن أصارحه وأنبهه ولو كلفني ذلك منصبي.

المفتش: لهذا أتى بك لتنبهه، إلى الصواب والخطأ فأنت المستشار والمستشار مؤتمن، عليه أن يقول الحق مهما كان مرا ومهما كلفه ذلك.

المستشار[يرخي رأسه]: هذا صحيح.

المفتش: لو كان المستشارون يقومون بواجبهم في النصيحة والمشورة لكانت البلاد بألف خير. لكن بعضهم يظن أن وظيفة المستشار وظيفة فخرية يستفيد من مكاسبها دون أن يتحمل المسؤولية، فإذا أدت استشارته إلى قرار خاطئ لم يمسه احد لأنه ليس صاحب القرار.

المستشار: هذا صحيح يا سيدي مع الأسف.

المفتش: لو كان الأمر بيدي لحملت المستشار جريرة القرار الخاطئ كما يتحملها صاحب القرار.

المستشار: أنا مستعد للمحاسبة يا سيدي. أعترف بأنني قصرت، بل خنت الأمانة. كتبت استقالتي وقدمتها للوالي، لكنه طلب مني انتظار نتيجة التحقيق. قال لي: "إما أن نذهب معا أو نبقى معا."

المفتش: معنى هذا أنه يثق بك فكن أهلا لثقته.

المستشار: سأفعل يا سيدي.

المفتش: ما يشفع لك أنك نظيف لم تتورط في الفساد والرشوة لكن الإهمال يعتبر أيضا جريمة.

المستشار: سأتحمل مسؤولية إهمالي يا سيدي.

[تدخل السكرتيرة.]

السكرتيرة: وصل الوالي ياسيدي.

المفتش: دعيه يدخل. [يخاطب المستشار]: تستطيع الانصراف الآن. [يخرج المستشار.] 

مسرحية "عطلة السيد الوالي"- الفصل الرابع

الأسئلة:

1- ما المهمة التي يجب أن يضطلع بها مستشار الوالي؟ وهل قام بها مستشاره خير قيام؟

2- ما الأسباب التي ذكرها المستشار ليبرّرَ تقصيره في أداء مهمته؟

3- قال المستشار: "الولاة يحبون من يمتدحهم ويزين لهم أعمالهم". وضح هذا القول ثم بين إن كان ينطبق على بعض المسؤولين في بلدك. وما أخطار هذا السلوك على الإدارة والمجتمع؟

4- يرى المفتش أن المستشار يجب أن يتحمل نتيجة قراره الخاطئ كما يتحملها صاحب القرار. هل تؤيده أو تعارضه في هذا الرأي؟ دعم جوابك بالحجة المناسبة.

5- هل تكفي الكفاءة وحدها في وظيفة المستشار؟ إن كان الجواب بالنفي، بين الشروط الإضافية التي يجب توفرها في أي مستشار، وأهمية كل منها.

لقراءة الفصل الأول كاملا اضغطوا هنا: الفصل الأول

لقراءة الفصل الثاني كاملا اضغطوا هنا: الفصل الثاني

لقراءة الفصل الثالث كاملا اضغطوا هنا: الفصل الثالث

لقراءة الفصل الرابع كاملا اضغطوا هنا: الفصل الرابع